الاثنين، 2 أكتوبر 2017

تحت خط الحب





عندما كنت اقرا الدراسات الاقتصادية التى تصف الظروف التى تعيشها الدول فى العالم الثالث كنت دائما ما اصطدم بعبارة لطالما وصفت الوضع وصفا واقعيا قاسيا ... عبارة تحت خط الفقر كتعبير عن حالة من الفقر الشديد الذى تعدى الفقر ذاته ... تذكرت تلك العبارة وانا افكر فى تقييم وضعنا الحالى فى الحب ... نعم الحب .. تلزمنا دراسة توضح وضعنا ووضع احاسيسنا ومشاعرنا ... وضع قلوبنا وما تعبر به من الحب لاحبائنا ... لست ادرى لما شعرت اننا جميعا وبلا استثناء نعيش تحت خط الحب ....

نخرج للحياة فى عالمنا البائس .. حيث يعتبر التعبير عن الحب خجل وعار واحيانا جريمة ... نخجل كثيرا من التعبير عن مجبتنا لمن نحب ... نخجل كثيرا من الطبطبة على اطفالنا امام الاخرين واحتضانهم حضنا مفاجئا حميما يعبر عن لهفنا عليهم ...نخجل احيانا وياللعجب من قولة بحبك يا بنتى او بحبك يا ابنى ... فنخرج اجيالا جائعة للحب والحنان ...  اجيالا تعلمت كبت الحب بالفطرة .. نخرج اجيالا لا تعلم كيف تقول ... احبك ... فيبحث من يبحث عن الحب فى احضان اخرى قد تكون مرفأ آمنا كحضن الاقارب او الاجداد او قد تكون مرفأ الخطر والزلزلة كاحضان الاغراب عوضا عن حضن اب تخلى عن موقعه او ام بخلت بهمسة حنان

يتربى الرجال فى عالمنا العربى على الخجل من التعبير لزوجاتهم وشريكات حياتهم عن حبهم فيما بينهم او على الملأ ,,, يشعر الرجل بانتقاص كبير يعترى رجولته ان رآه اهله او اصدقائه يغازل شريكته ...ونادرا ما يمتلك الشجاعة حتى يعبر عن ذلك الحب علنا .. فيروى تلك الزهرة العطشى لحبه والتى ما لها من راو سوا ه مرتكبا جريمة حب كبيرة فى حق من امنته على قلبها ومشاعرها ....

وذات الخطأ ترتكبه كل انثى تكتم مشاعرها فى الخفاء او العلن خشيه التابوهات المجتمعية البائسة التى تجعلها تعرض عن التعبير عن حبها لحبيبها خشيه الحسد او تكبرا او استهجانا لما لم نتربى عليه فى مجتمعنا ... فيخرج زوجا تائها عطشا لاكسير الحياة الذى حرم منه ..

نظرة ثاقبة للشارع من حولك وانت فى طريقك للعمل ...وبلا درجة ذكاء عالية ستختبر الفقر الرهيب الذى نعيشه فى الحب ... لو كنا نحب اعمالنا .. لخرجنا لها صباحا مبتسمين نحمل لها وجوها مستبشرة بيوم عمل جديد .. عمل نحبه .. لكننا لم نشترط الحب كاساس او كقاعدة حين قررنا قبول تلك الاعمال ... بات شرط الحب ترفا شديدا فى ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الجامحة التى تعتصر قلوبنا وجوارحنا كل يوم فبات البحث عن عمل نحبه فنمتهنه ترفا لا نليق به فى مجتمعنا المرهق المجهد الذابل كزهرة تذبل وتذبل حتى ياتى حينها وتموت

نظرة ثاقبة على شوارعنا ... على مرافقنا العامة ... لن نجد اى مظهر من مظاهر الحب ... لن نجد شخصا يغضب لذبول نبتة تركت بلا رى فى الطريق العام   .. لن نجد من يغضب لظهور تلك المرافق فى اسوا صورها او تحطيم ملامحها فور تطويرها حتى لو كان تطويرا قبيحا يتناسب مع كم الفقر الرهيب الذى نحياه فى مستوى الحب ... نحن نحيا بالفعل تحت خط الحب .. نختنق فى جفاف شديد فيعرض من يمثل الفن الحقيقى عن التعبير عن فنه وحبه لتلك البقاع او يمنع من المشاركة ويبرز من لا يملك حسا فنيا والنتيجة مسوخا باهتة تملأ الشوارع والميادين روحا باهتة تثير الحنق والسخرية ...


الاوطان تبنى على الحب .. والحب يخلق الرغبة فى العطاء والتعبير عنه ... فنبنى ونزرع ونبرع فيما نستطيع ... فنخلق جنة حقيقية نعيش فى ربوعها ... البيوت تبنى على الحب فنعطى ونعطى ونحمى ونشغف ونحن ... الاطفال تربى على الحب ... فتتشبع عطاء ورحمة ورضا ... فلا تضل الطريق ولا تجوع للحب ابدا بعيدا عن احضان اباءهم وامهاتهم ... انقذوا انفسكم وقلوبكم وبلادكم وحياتكم ... لا تقبلوا ابدا ان تعيشوا عيشة والموت سواء .... لا تقبلوا الانتحار وانتم احياء ... لا تعلموا اولادكم العيش فى وطن يعانى الفقر فى الحب ... العيش تحت خط الحب